حين أرى ترابك تسبقني إليك الذكريات..تبرق عيناي ببلورات الدمع..ضحكا ..مرحا .. سعادة.. تنفتح أمامي صفحات العمر الذي كان كالبرق .. انسابت السنوات...غادرتك بلدتي ربيعا..وعدت اليك خريفا....
غريب انا في ربوعك..وحدك تحفظين هويتي..غاب الاحباب..ضاع الاثر.. فوحدك لم تغيبي..وحين ألقاك تذكرينني بالذي كان..فعلا كانوا هنا..وكنت انا معهم هنا..لا احلم..اسالوها تجبكم .. حقا مر من هنا..ومروا هم ايضا من هنا..مضى ومضوا..ولا زلت انا هنا..احكي قصة الغائب..كان يا ما كان..!!!!!!..
فعطرك فواح لا يدركــه إلا الوجدان..أنت بوابة من بوابات ذاكرتي أخاف أن يطالها النسيان..في ربوعك تعرفت على الفراشات وشقائق النعمان و شجيرات الياسمين..ومن غروس عينك تذوقت طعم النعناع والرمان....وفي حضنك تعلمت أن أكون الانسان..اليوم إبتعدت عنك لكنك في القلب والوجدان ..
دائما كنت أستعجل الزمن كي أعود اليك..أجوب دروبك الصخرية الضيقة..ألتقي في رحابك كل حبيب وصديق..أتجرد من مدنيتي حين ألقاك..أعود إلى المهد..أرتاح بين ذراعيك..أنسى همومي وأنشغالاتي..أنام كما لم أنم قط..
طال الفراق ..لم تعد لي عندك سوى ذكريات..أتوق إليها تارة شوقا وحنينا وتارة أخرى حسرة وحزنا..أذكر كل شيء مررت به أو عشته في ربوعك..ديارك..أشجارك..أحجارك..دروبك..أناسك..حقولك..فصولك..مدرستك..عينك....كل شيء..وحين أغوص في متاهات الماضي ..يطفو وجهك البهي..يعتريني إحساس طفولي بالإرتماء في أحضانك..أتدحرج فوق سفوحك..أتسلق أشجارك..أقتات توتك البري..أقطف ريحانك العبق بعطر روحاني..أتظلل ظل اشجارك فأرتاح كما لم ارتح قط..أتامل قمرك ونجومك كأني لم أرى قمرا أو نجوما أبدا..أرحل فيك بحثا عن براءتي..عن جذوري..عن من أنا..ما أبهاك بلدتي الصغيرة ...