لقد عرف العلماء الكثير من المعلومات عن شيب الشعر لكنهم لم يتوصلوا حتى الآن إلى
معرفة سبب
ذلك. الشعر مادة معقدة جدا , و لم تظهر الأبحاث حول بنيته و طريقة
تكوينه إلا مؤخرا , و يتكون الشعر
من ألياف رقيقة مركبة من البروتينيات التي
تسمى " الكراتين ". و هي مادة تدخل في تركيب الشعر والأظافر , و الحوافر و القرون
عند الحيوانات.
و عند فحص شعرة تحت مجهر قوي , تبدو لنا مغطاة بأشكال
كالحراشف , و هي طبقة تسمى البشرة الميتة أو الإهاب. و ينمو الشعر من حفر في الأدمة
,الطبقة الخارجية من البشرة , و يمتد داخل الطبقة الداخلية من البشرة. و في نهاية
الشعرة توجد بصيلة تحتوي على الأوردة الدموية الصغيرة التي تمد الشعر
بالغذاء.
حين ينمو الشعر يكون محاطا بطبقة واقية مصدرها الجذور , و كلما
ابتعدت الخلية عن الشعرة , كلما جف الشعر و ازدادت فساوته , و مات في بعض
الأحيان.
تستمر عملية نمو الشعر نحو أربع سنوات عند الرجال و ست عند النساء.
حتى يبلغ طول الشعر نحو 80 سنتم فتصبح الشعرة قادرة على حمل 80 غرام. أي أن ألف
شعرة ملتفة حول بعضها البعض , كافية لتعلق شخص متوسط الحجم. و عملية النمو ليست
دائمة إلى الأبد , فبعد النشاط الحاد تبدأ البصيلة بمرحلة الراحة التي تستمر من
ثلاثة إلى ستة أشهر قبل أن تبدأ بالعمل ثانية. فتكون شعرة جديدة و تدفع القديمة
خارجا فتسقط.
و يقدر العلماء أن الإنسان يفقد يوميا نحو مائة شعرة , و هو معدل
طبيعي , لأن 90 بالمائة من هذه الكمية تعود لتنمو من جديد. و يعتمد لون الشعر على
صبغة خاصة تسمى الميلانين , يتم إنتاجها في خلايا خاصة تسمى ميلانوسايتس , و
الميلانين نفسه بني اللون , سواء كان لون الشعر أشقرا أو داكنا , لأن اللون نفسه
يعتمد على كمية الميلانين المنتجة و طريقة توزيعها. أما الشعر الأحمر فيحتوي على
صبغة إضافية , غنية بالحديد.
و يبدأ الشعر بفقدان لونه حين يخمد نشاط
الميلانوسايتس. و في الواقع , لا يوجد شعر رمادي و آخر أبيض. فالمظهر الرمادي ينتج
من الشعر الأبيض الذي يتخلله الشعر الذي ما زال يحافظ على لونه الأساسي. أما سبب
تعب خلايا الميلانوسايتس فما زال مجهولا. و عندما يحدث الأمر عند المسنين , فلا بد
أن يكون لذلك علاقة ببطء عملية الأيض بشكل عام. و إلى الآن لا يزال غامضا إن كان
الشعر الأبيض وراثيا , و كذلك إن كان فقدان خلايا الميلانوسايتس لقدرتها الطبيعية
نتيجة صدمة أو ضغط عصبي أو نفسي. و يوجد الكثير من الوثائق التي تشير إلى أن بعض
الأشخاص فقدوا لون شعرهم بين ليلة و ضحاها!!