أضواء المستخدم العربي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أضواء المستخدم العربي

إسلام, برامج, حوار, ثقافة عامة, أفلام, ألعاب, صور, غرائب, رعب, ...
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصة أشجار غزة......... اتمنى المشاركة

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
شيماء89
عضو مبتدئ
عضو مبتدئ
شيماء89


انثى عدد الرسائل : 15
Localisation : فلـــــسطـــــين
تاريخ التسجيل : 28/06/2007

قصة أشجار غزة......... اتمنى المشاركة Empty
مُساهمةموضوع: قصة أشجار غزة......... اتمنى المشاركة   قصة أشجار غزة......... اتمنى المشاركة Icon_minitime2008-08-10, 01:40



اشجار غزه




كان الحاج أبو العبد ينكش الأرض حول أشجار الجوافة, ويعدها للسقي , حين جاءت الجرافتان .

كانت غزة قد تحولت الى ركام , كل بنائها الجميل, عماراتها العالية, مظاهر ازدهارها التي لم يتمتع بها أحد بعد, انتثر على الأرض هباء مذكرا بكذبة قاتلة في سماجتها اسمها السلام !

كان الدمار في كل مكان , والجنازات في كل شارع .

تناسى الدبابات الثلاث التي تحمي الجرافتين , تناسى البارجة الحربية في البحر , تناسى كل شيء وراح يحلم بمحصول الجوافة, فهو يحتاج الى يومين أو ثلاثة يمتازون بالحر ويُقطف.

لو كان هناك سوق هذا العام لكان المحصول الوافر قد غطى الدّين, وعاد كذلك بربح لا بأس به.

" أوه لا بأس, لا بأس .. سأدعو أهل الحارة لمساعدتي في القطف , سيوزع المحصول على الجميع, ولن نحتاج الى العلب الخشبية حينها, فكل بيت سيحضر صحنه.. وسيأكل الجميع. حتى سمية في دير البلح , سأدبر ايصال حصتها اليها, فهذا الحصار اللعين لن يستمر الى ما لا نهاية ." هذا ما كان أبو العبد يحدث نفسه به حين تقدمت الجرافتان من الأرض , تلك الأرض البعيدة عن المستوطنات التي يجرفون الأراضي بحجة توسعتها دائما. أوه .. هذه المستوطنات التي لها الحق في الامتداد والتوسع على حساب الفلسطينيين بحجة النمو الطبيعي, وكأنهم يتزايدون زيادة طبيعية, وأهل الأرض يتقلصون !!

تلفت حوله في محاولة للفهم, فهل في الأرض بناء لا يعجبهم يريدون هدمه؟! كما يفعلون بالبيوت التي تؤوي أعدادا لا حصر لها من اللآجئين المساكين لأنهم لم يحصلوا على اذن بناء .. ذلك الاذن الذي لا يأتي أبدا !

مسحت عيناه المتوسعتان الأرض, فلم ير سوى البرتقال والجوافة والجميز والنخيل!

صعدت عيناه تلك النخلة, نخلة أبيه, وتسمرت بها. كانت نخلة شامخة أكثر من شموخ نخيل العائلة الأخر. كان فيها شيء من شموخ أبيه ويقينه بالعودة, ورغم أنها زرعت في المنفى عام ثمانية وأربعين, الا أنها صمدت وأبت الرحيل عام سبعة وستين, ومدت جذورها أكثر وأكثر في أرض فلسطين, واشرأبت بعنقها عاليا لتطل على أمل صاحبها في عودة لم يتنازل عنها أبدا. كان أبوه يتوقع العودة الى بيته, الذي ظل يحمل مفتاحه في عنقه حتى آخر يوم في حياته, خلال أيام وان طالت فشهور. وانقضت الأيام, ومرت السنون, وتحولت الخيام القماشية الى بركسات زنكو, ثم الى بيوت لبنية ضاقت بسكانها , بعددهم وآمالهم وأحلامهم البسيطة التي لا تتعدى العيش بكرامة كأبسط حق من حقوق الانسان. ضاق البيت بهم, وزادت أشجار الحقل, فهذه شجرة أحمد, وتلك شجرة عصام, ومالك وقاسم ومحمود وصلاح وجمال وخالد وعمر وبلال ..كل شجرة تسجل طفولة وتاريخ صاحبها, وتحمل أسراره وآماله, وحتى قصص حبه ومغامراته !

عندما جاء أبو العبد طفلا مع عائلته الى غزة, كان يحب أن يجلس الى جارهم أبي المؤيد الغزاوي الأصل ليسمع منه القصص, وكان هذا الأخير ينتهز فرصة كونه صغيرا وغريبا, فيخلق للأشجار المعمرة أصحابا وقصصا تعود الى الزمن الاسلامي الزاهر. فهذه لصلاح الدين, وتلك للظاهر ببرس, و يقرأ ما سطر على أوراقها من انتصارات وقصص رائعة, تعوض الشعور بالانكسار والضياع في ظل الاحتلال والخذلان العربي.

كان يضيق به البيت, ويضيق صدره به, فيهرب منه الى الحقل .. ملاذه الأول والأخير.كان الحقل يعج دوما بالروائح الزكية, التي ترسم الأمل في النفس في أحلك الظروف .

سألته فطوم الصغيرة يوما وقد رأته يداعب أزهار البرتقال والليمون : جدو, انت نحلة ؟!

ثم تداركت قائلة : لا, لا .. فقد رأيتك تمسح على الجوافة بحب , وتغازل البلح !

وحين رأته يمسد على التراب بيديه بنعومة متناهية, ويشتم رائحته حتى الثمالة, سألت بتعجب : ماذا تجد هناك يا جدو ؟

علت ضحكة أبي العبد بحرية وصخب وقال : انني أشم رائحة أبي. تعالي وشمي يا حبيبتي هذه الأرض الرطبة, هذه الأرض الطيبة.

لبت فطومة بتلقائية, فقال لها بأسى من علم أن الموت سيداهمه قبل تحقيق الآمال : ان لم نعد الى بيتنا في يافا فسأدفن هنا .. وستشمين عبقي في هذا الحقل.

اقتربت الجرافتان أكثر وراحتا تقتلعان الأشجار من جذورها. لم يأبه أبو العبد بالدبابات, وراح يمشي مسرعا متعثرا نحو الجرافتين, وهو يلوح لها أن: لا ..لا في لمح البصر كان ممددا على الأرض, وكان الدم يسيل من رأسه, وكفاه تقبضان على تراب الحقل وتشدان عليه بقوة ..أكملت الجرافتان العمل وكأن شيئا ما كان , بينما كانت فطومة تنظر من بعيد, وتكتب في خاطرها قصة النخلة الجديدة التي ستزرعها غدا .








..



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hamza.b
المديـــــــر
المديـــــــر
hamza.b


ذكر عدد الرسائل : 903
تاريخ التسجيل : 29/05/2007

قصة أشجار غزة......... اتمنى المشاركة Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة أشجار غزة......... اتمنى المشاركة   قصة أشجار غزة......... اتمنى المشاركة Icon_minitime2008-08-10, 01:52

جزاك الله خيرا على هته القصة التي تحمل معاني كثيرة و عميقة

شكرا أختي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://morocco.own0.com
 
قصة أشجار غزة......... اتمنى المشاركة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أضواء المستخدم العربي :: المقهى الأدبي :: القصص و الروايات-
انتقل الى: